الرجل الذي عاد من الموت بعد 5 سنوات

بدأت أحداث القصة في عام 2002 مع الرجل البريطاني جون داروين، الذي كان متزوجًا من آن داروين لأكثر من 30 عامًا. كان الزوجان يعيشان في منزل صغير يحمل الرقم 3 يقع مباشرة أمام البحر. قام جون بشراء المنزل المجاور له، رقم 4، بهدف تأجير الغرف بشكل فردي للاستفادة من دخلها. كان البيتان متلاصقين ومتصلين ببعضهما البعض بباب فاصل في الجدار، وهو تفصيل سيصبح له دور مهم في القصة.

لم تكن هذه العقارات الوحيدة التي يملكها جون؛ فقد كان لديه 12 وحدة سكنية أخرى. على الرغم من هذا، لم يكن جون غنيًا، بل كان يعمل كحارس سجن براتب عادي. كانت كل الوحدات السكنية التي يملكها بواسطة قروض من البنوك وعليها رهن عقاري. كانت فكرته أن يسدد هذه القروض من إيجارات الوحدات السكنية، لتصبح ملكه بالكامل لاحقًا.

المشاكل المالية وتخطيط الاحتيال: لم يكن جون ذكيًا في إدارة الأموال، وكان مبذرًا وينفق على أشياء غير ضرورية، مثل شراء سيارة رينج روفر لم يكن بحاجة إليها أو يمتلك ثمنها. بدأ جون في تراكم الديون ليس فقط من القروض العقارية، بل أيضًا من قروض بطاقات الائتمان. تفاقمت الأمور عندما تعرضت العديد من وحداته السكنية لأعطال ومشاكل مكلفة تتطلب صيانة، مما صعّب إيجاد مستأجرين واستمرت الفوائد الربوية في التراكم. كانت آن تتابع الحسابات ولاحظت تدهور الوضع وتهديدات البنوك وشركات بطاقات الائتمان بسحب العقارات واتخاذ الإجراءات القانونية.

ناقش جون وآن هذه الكوارث، واعتقدت آن أن جون سيعلن إفلاسه كحل وحيد. إعلان الإفلاس هو عملية قانونية تسمح للشخص بالتخلص من ديونه، حيث يتم بيع جميع ممتلكاته لتسديد أكبر قدر ممكن من الديون، وقد يتطلب دفع جزء من الديون لسنوات إضافية من الدخل، ويترك علامة سوداء في سجل الشخص تجعل حصوله على قروض مستقبلية شبه مستحيل. ومع ذلك، فإن الفائدة الرئيسية هي عدم اتخاذ إجراءات قانونية ضده مثل السجن.

صدمت آن عندما أخبرها جون أن لديه حلًا آخر: “سأزيف موتي”. شرح جون خطته لآن: سيأخذ تأمينًا على الحياة، ثم يزيف موته، وتأخذ آن أموال التأمين لسداد ديونهم وبناء حياة جديدة. كان جون يمتلك زورقًا صغيرًا (كانو) مخصصًا لشخص واحد، وقد اشتراه سابقًا لممارسة هواية ركوب القوارب. خطته كانت أن يعطي انطباعًا للناس بأنه سيعاود ممارسة هذه الهواية، ثم يخرج إلى البحر بزورقه ويتأكد من أن الجيران أو المارة يشاهدونه. بعد أن يتعمق في البحر، سيغير وجهته ليجدف لمسافة حوالي 5 إلى 10 كيلومترات إلى شاطئ مختلف بعيد عن نقطة انطلاقه. هناك، سينزل من الزورق، ويكسر المجداف ويرميه في البحر، ثم يدفع الزورق مرة أخرى إلى عمق البحر. في هذه الأثناء، ستحضر آن السيارة إلى الموقع المتفق عليه، وستأخذه إلى مكان بعيد عن منطقتهم، حيث يكون قد جهز حقيبة تحتوي على معدات تخييم وملابس ليعيش في البرية لفترة من الزمن. بعد أن تتركه آن في هذا المكان المعزول، ستعود إلى المنزل، وعندما يتأخر، ستتصل بالشرطة وتبلغ عن اختفائه. الجيران الذين شاهدوه ذاهبًا إلى البحر سيعززون فرضية الشرطة بأنه تعرض لحادث وغرق.

رد فعل آن والتلاعب العاطفي: كانت آن مصدومة ولم تصدق أن زوجها يمكن أن يكون بهذه الدرجة من الجنون، خاصة وأن لديهم عائلة وأولادًا ووالدين يعيشون. جادلت آن جون، مؤكدة أن الأمر غير قانوني وسيصدم أولادهم وعائلاتهم. رد جون بنبرة سايكوباتية، قائلاً إنهم سيتأثرون وينصدمون في البداية، لكنهم سيتجاوزون الأمر بعد أسابيع أو شهور. عندما سألته آن كيف سيعيشان معًا وهو “ميت”، تلاعب جون بالكلمات وقال إنه سيجد حلًا، ربما يقوم بعملية تجميل لتغيير شكله. رفضت آن بشدة المشاركة في هذه الخطة الإجرامية.

هددها جون بإنهاء حياته إذا لم توافق على خطته، وهو ما أخاف آن بشدة. استغل جون تكبره وشعوره بأنه أذكى من الآخرين و نزعته السايكوباتية للتلاعب العاطفي بآن، خاصة وأنها قضت عمرها كله إلى جانبه ولا تعرف الحياة بدونه. وعلى الرغم من عدم رضاها التام، رضخت آن لضغطه.

تنفيذ الخطة: بعد حوالي ثلاثة أشهر من التخطيط، في 21 مارس 2002، أخبر جون آن أن وقت تنفيذ الخطة قد حان. ذهبت آن إلى عملها كالعادة. تأكد جون من أن الجيران وعدة أشخاص شاهدوه وهو يحمل زورقه وحقيبة التخييم متجهًا نحو البحر. نزل جون البحر، وجدف لعدة كيلومترات حتى وصل إلى ساحل جديد. هناك، ترك الزورق في البحر، وخرج هو بحقيبة التخييم.

في المساء، التقت آن بجون في الموقع المتفق عليه ووصلته بالسيارة. كان جون متجمدًا من البرد. كان من المفترض أن تتركه آن في مكان معزول وسط البرية، لكن الوقت تأخر، فقرر جون النزول في إحدى المدن على الطريق ليقضي الليلة في فندق رخيص. بعد أن نزلته، عادت آن إلى المنزل، وكانت مهمتها الأصعب هي الاتصال بالشرطة والإبلاغ عن اختفاء زوجها. كان أكثر ما يؤنب ضميرها هو رد فعل أبنائها وصدمتهم. اختار جون فندقًا صغيرًا ورخيصًا ليقضي فيه ليلته.

تصاعدت قضية اختفاء جون بسرعة، وتجمع الشرطة وقوات الإنقاذ والإعلام على الساحل بجانب منزل جون. كانت آن متوترة وخائفة، لكن أخاها جاء لمواساتها. لم تكن آن قادرة على إخبار أبنائها الذين كانوا يعيشون في مدينة أخرى بسبب عملهم، فقام أخوها بمهمة إيصال الخبر لهم. وصل الأبناء إلى منزل والدتهم وواساها. استمرت عمليات البحث المكثفة ليومين وثلاثة، بمشاركة سفن وطائرات هليكوبتر و40 ضابط إنقاذ. في اليوم الرابع، أخبرت الشرطة العائلة أنهم أوقفوا عمليات البحث لعدم وجود أي أثر لجون، مما يعني أنهم فقدوا الأمل في العثور عليه. كانت العائلة في حالة حزن عميق، وكانت آن تبكي غالبًا بسبب الحمل الثقيل على ضميرها.

الحياة السرية: خلال الأيام التالية، تواصل جون مع آن عبر هاتف عمومي. حاولَت آن توبيخه وطلبت منه عدم الاتصال لوجود الأولاد، لكنه استعطفها وشكا من وحدته. استمرت المكالمات كل يومين أو ثلاثة، وكانت آن تتحدث مع جون على الهاتف بينما يعتقد أبناؤها أن والدهم قد مات. حاولت آن إقناع جون بإنهاء الأمر والعودة، لكنه رفض، مؤكدًا أن هذه هي الطريقة الوحيدة للتخلص من ديونه.

أخبر جون آن أنه وجد مكانًا ليعيش فيه: البيت رقم 4، المنزل المجاور لمنزلهم. كان هذا المنزل فارغًا وملاصقًا لمنزلهما، لذا سيكون قادرًا على العيش هناك دون أن يعلم أحد، بالقرب من آن. صدمت آن وشعرت بخوف شديد، وبدأ الحمل النفسي عليها يزداد. بعد شهر تقريبًا من اختفاء جون، عاد الأولاد إلى أعمالهم وحياتهم في مدينتهم الأخرى. في هذه اللحظة، كان جون ينتظر الفرصة للعودة.

أخبرت آن جون برحيل الأولاد، ثم ذهبت لتاخذه من الغابة التي كان يعيش فيها، والتي تبعد حوالي 200 كيلومتر عن منزلهم. كان جون قد أطلق لحيته خلال هذه الفترة. كان جون سعيدًا بالعودة، بينما استمرت آن في محاولة إقناعه بالتراجع، مذكّرة إياه بحزن الأولاد. استغل جون ذلك مرة أخرى بالتلاعب العاطفي، مؤكدًا أن هذا هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، وأن وجوده تعيسًا ومديونًا لن يفيد أولاده.

عند وصولهما، رفضت آن دخول جون إلى منزلهم في تلك الليلة، وأصرت أن ينام في البيت رقم 4، حيث وضعت له بعض الطعام والملابس. في صباح اليوم التالي، فتحت آن الباب الفاصل بين البيتين، وسمحت لجون بالدخول إلى منزلهم.

مطالبة التأمين وكشف القارب: بعد بضعة أيام، تواصلت الشرطة مع آن لإخبارها أنهم عثروا على زورق جون محطمًا. أخبرتها الشرطة أنهم أصبحوا شبه متأكدين من تعرض جون لحادث في البحر ووفاته، وأن القضية أغلقت. نقلت آن الخبر لجون، الذي كان سعيدًا لأن هذا يعني أن شركة التأمين ستدفع. اتصلت آن بشركة التأمين للمطالبة بمبلغ تأمين الحياة على جون. كان الرد الأولي من الشركة أن الموضوع معقد ويتطلب اجتماعًا مباشرًا مع مندوب.

تجادل جون وآن؛ اتهمها جون بأنها كانت لينة مع شركة التأمين ولم تطالب بحقها بقوة. انفجرت آن غضبًا، وصرخت عليه بأن حياتها تحولت إلى جحيم، وأنها تكذب على الجميع، بما في ذلك الشرطة وأولادهم وعائلاتهم، وأنه حوّلها إلى مجرمة. حاول جون تهدئتها لأنه أدرك أنها حليفته الوحيدة.

خلال هذه الفترة، زار أولادهم والدتهم في المنزل، وتحدثوا عن والدهم، معبرين عن أملهم في أن يكون حيًا، ربما فقد الذاكرة بسبب حادث. لم يعرفوا أن والدهم كان في البيت المجاور ويسمع حديثهم.

عند موعد زيارة موظف شركة التأمين، أخبر الموظف آن أن الشركة لن تدفع مبلغ التأمين في الوقت الحالي لعدم وجود دليل على وفاة جون، وأنه لا بد من الحصول على شهادة وفاة رسمية من الطبيب الشرعي. سألته آن كيف يمكن الحصول عليها بدون جثة، فأخبرها الموظف أنه في مثل هذه الحالات، يجب الانتظار فترة تصل إلى سبع سنوات ليصدر الطبيب الشرعي شهادة الوفاة. سمع جون هذا الحوار من البيت المجاور وغضب بشدة. ازداد غضبه عندما أخبر موظف التأمين آن بأن دفعات التأمين يجب أن تستمر حتى صدور شهادة الوفاة، وإلا فلن يحصلوا على أي مبلغ.

السعي لشهادة الوفاة وتغيير الهوية: بعد رحيل الموظف، أخبر جون آن أنه يجب إيجاد طريقة لإقناع الجهات المسؤولة بإصدار شهادة وفاته، واقترح أن تستغل عواطف الناس وتستعين بالشرطة لإقناعهم بأنها والأولاد بحاجة لشهادة الوفاة لتجاوز الأمر. نشب جدال جديد بينهما، حيث أخبرته آن أنها سئمت الكذب. هددها جون بأنه إذا لم تتعاون، فإنه سيسلم نفسه ويكشف كل شيء، وستتورط هي والأولاد ويسجنان. رضخت آن لضغطه وذهبت إلى الشرطة.

تحدثت آن مع المحققة المسؤولة عن القضية، محاولة استعطافها. أخبرتها المحققة أن إصدار شهادة وفاة لشخص مفقود يتطلب تدخل وزير الداخلية شخصيًا، وأن الأمر قد يستغرق شهورًا لترتيب موعد. كان جون سعيدًا بهذا الخبر، على الأقل هناك أمل.

خلال الأشهر التالية، عاش جون في البيت رقم 4 وشعر بالملل. بدأ يقضي وقته على الكمبيوتر في ألعاب ودردشات عبر الإنترنت. بعد أن أطال لحيته، شعر أن شكله قد تغير بما يكفي ليصعب على الناس التعرف عليه، فبدأ يخرج ويتجول في الشوارع.

قام جون بخطوة مهمة: انتحل هوية طفل ميت. ذهب إلى مكتبة عامة، وبحث في شهادات الوفاة القديمة (من حوالي 50 عامًا قبل 2002)، حيث كانت السجلات مدونة بخط اليد وغير إلكترونية. وجد شهادة وفاة لطفل رضيع مات قبل 50 عامًا، وكان اسمه جون جونز (مصادفة أنه بنفس اسمه الأول). باستخدام هذه البيانات، استخرج جون شهادة ميلاد رسمية باسم الطفل الميت، ومن خلالها، تمكن من استخراج جواز سفر مزور يحمل اسمه المستعار “جون جونز” ولكن بصورته هو ولحيته الجديدة.

الكريسماس وصدور شهادة الوفاة: في ديسمبر 2002، اجتمعت العائلة في منزل آن للاحتفال بالكريسماس، وتحدثوا عن جون، متذكرين إياه. لم يعرفوا أنه كان يسمعهم من الجانب الآخر من الجدار. في هذه اللحظة، شعر جون لأول مرة بأنه يشتاق لعائلته، لكنه أدرك أنه لا تراجع.

أخيرًا، في فبراير 2003 (بعد حوالي عام من اختفائه)، تم ترتيب جلسة مع وزير الداخلية لتسريع إصدار شهادة الوفاة. حضرت آن والأولاد الجلسة. قدمت آن أداءً تمثيليًا مؤثرًا، وبكت، وشرحت كيف أن عدم وجود جثة أو جنازة أو شهادة وفاة جعلهم عالقين في حزنهم، وأن شهادة الوفاة ستمنحهم “الخاتمة” التي يبحثون عنها. أيدت المحققة روايتها، وأخذ الوزير ذلك في الاعتبار، وأصدر حكمًا بصدور شهادة وفاة لجون. كانت آن سعيدة بنجاح مهمتها.

بعدها، بدأت الشيكات تصلهم من شركة التأمين على دفعات، وبلغ المبلغ الإجمالي حوالي 400,000 دولار. قام جون فورًا بسداد جميع قروض الوحدات العقارية. ثم باع جميع الوحدات العقارية الـ 12، باستثناء المنزلين رقم 3 و4، مما رفع المبلغ لديهم إلى حوالي نصف مليون دولار.

الحياة الجديدة في الخارج: أدرك جون أن حياته في إنجلترا كشخص “ميت” قد انتهت، وأنه بحاجة إلى حياة جديدة في مكان جديد. أقنع آن بالسفر واستكشاف البلدان. بين عامي 2003 و2005، زارا أكثر من 10 دول. كانت رحلات جون بمفرده غالبًا لاستكشاف فرص استثمارية، لكن معظمها باء بالفشل والخسارة، فقد خسر 50,000 دولار في إحدى المرات في عملية احتيال تتعلق بمزرعة في أمريكا.

كان جون يبحث عن بلد يمكنهما فيه بدء حياة جديدة. وجد أن جمهورية بنما مناسبة، كونها رخيصة، ضرائبها منخفضة، طبيعتها جميلة، ويمكن فيها فتح حسابات بنكية بأسماء مجهولة، والحصول على الإقامة الدائمة سهل. شرح جون خطته لآن: شراء منزل أو شقة وأرض قريبة من البحر وفتح مشروع ركوب قوارب يجذب السياح. كانت آن متخوفة بسبب بعد المسافة عن أبنائها.

وافق الأولاد على رحلة والدتهم إلى بنما لمدة شهر. سافر جون وآن معًا إلى بنما، لكن جون كان مستهترًا ويريد أن يسير بجانبها، بينما كانت آن حريصة على تجنب أن يراهما أحد معًا. أعجبهما البلد، وشعرا بالراحة لأنهما لم يعودا بحاجة للكذب أو إخفاء شيء. التقيا بوكيل عقاري لمساعدتهما في العثور على منزل. طلب الوكيل وزوجته التقاط صورة تذكارية معهما، وهي الصورة التي ستصبح دليل إدانتهما لاحقًا، حيث التقطت بتاريخ 14 يوليو 2006.

اشترى جون وآن شقة جميلة على البحر وقطعة أرض قريبة لفتح مشروعهما. ظل جون في بنما لإنهاء إجراءات الأرض، وعادت آن إلى إنجلترا لإخبار أولادها بقرار انتقالها الدائم وبيع المنزلين المتبقيين. صدم الأولاد لكنهم دعموا قرار والدتهم.

العودة إلى إنجلترا وكشف الحقيقة: في عام 2007، أي بعد خمس سنوات من اختفاء جون، باعت آن المنزلين المتبقيين واستعدت للانتقال إلى بنما. التقت آن بجون في بنما. لاحظت آن أن جون ليس على طبيعته. أخبرها جون أنه اكتشف قانونًا جديدًا في بنما يلزم أي شخص يرغب في الحصول على إقامة دائمة بتقديم شهادة حسن سيرة وسلوك من شرطة بلده، وهذا يعني أنه سينكشف لأن هويته مزورة. الأصعب من ذلك أنه كان قد اشترى بالفعل الأرض التي كانا ينويان فتح مشروع عليها، وتكلفتها 400,000 دولار، في بلد لا يمكنه العيش فيه.

أخبر جون آن أنه سئم حياة التخفي، ويشتاق لأولاده وعائلته، ويريد العودة ليعيش حياة طبيعية كزوج وزوجة أمام الجميع. فاجأها بقنبلة جديدة: سيعود إلى إنجلترا ويذهب إلى قسم الشرطة ويدعي فقدان الذاكرة. بعد جدال آخر، فرض جون خطته على آن. سيعود هو إلى إنجلترا بينما تبقى هي في بنما، وكان لديه خطة احتياطية إذا فشلت خطته الرئيسية.

عاد جون إلى لندن في 1 ديسمبر 2007. دخل قسم شرطة رئيسي وادعى أنه ضائع ولا يتذكر شيئًا، فقط اسمه جون داروين، وأنه يتذكر زوجته آن وأولاده مارك وأنتوني، وآخر ما يتذكره هو رحلة عائلية إلى النرويج في صيف عام 2000. عندما أخبره الشرطي أن العام هو 2007، تظاهر جون بالصدمة. سرعان ما اكتشفت الشرطة أنه شخص مفقود منذ أكثر من خمس سنوات ويعتبر ميتًا وله شهادة وفاة.

تواصلت الشرطة مع الابن الأكبر، مارك، الذي لم يصدق الأمر في البداية. عندما وصل إلى قسم الشرطة ورأى والده حيًا، عانقه وهو يبكي بشدة. اتصل مارك بأخيه أنتوني، الذي جاء بدوره وعانق والده.

في هذه الأثناء، كانت آن تنتظر في بنما، واتصل بها مارك. أخبرها مارك بالخبر، وتظاهرت آن بالبكاء، بينما اعتقد مارك أنها تبكي من الصدمة والفرح. تحدثت آن مع جون على الهاتف، وكلاهما استمر في تمثيل دوره. طلب مارك من آن العودة إلى إنجلترا بأسرع وقت ممكن.

الصورة الفاضحة والاعتقال: وصل الخبر للصحافة والإعلام في صباح اليوم التالي. كانت آن مرعوبة من مواجهة أولادها وعائلتها، وعندما اتصل بها مارك مرة أخرى، أخبرته أنها لا تستطيع العودة فورًا بسبب بعض الأمور والأوراق القانونية. في هذه الأثناء، كان الصحفي البريطاني ديفيد لي قد وصل إلى بنما. ذهب إلى شقة آن، وبعد 40 دقيقة من دق الباب، فتحت له آن الباب. حاورها ديفيد بلطف، وسألها عن سبب عدم عودتها. توترت آن وذكرت “أمور قانونية تخص إقامتها”. حذرها الصحفي من الصحفيين الآخرين الذين لن يكونوا لطفاء مثله، واقترح أن يغادرا إلى فندق.

في هذه الأثناء في إنجلترا، اكتشف أحد الصحفيين الصورة التي التقطها الوكيل العقاري لجون وآن في بنما بتاريخ 14 يوليو 2006، والتي تفضح كذبهما. انتشرت الصورة بسرعة بين الصحفيين. عندما وصلت الصورة إلى الصحفي ديفيد وهو مع آن في الفندق، واجه آن بها. انهارت آن بالبكاء، وقالت: “أعتقد أن الصورة تقول كل شيء”. اعترفت آن بالقصة للصحفي، لكنها قدمت قصة معدلة كخطة احتياطية. ادعت أن جون عاد بعد عام ونصف من اختفائه، وكان فاقدًا للذاكرة تمامًا. بعد استعادته لجزئية من الذاكرة، تمكن من العودة. ادعت أن سبب إخفاء الأمر كان بسبب أموال التأمين، وأن جون أصر على إبقاء الأمر سريًا حتى يتمكنوا من استخدام الأموال لتعديل وضعهم المالي ثم إعادة الأموال لشركة التأمين ويكشفوا الحقيقة.

عندما بدأ الصحفي يضغط عليها بالأسئلة حول الثغرات في القصة، مثل سبب بيع العقارات منذ ثلاث سنوات وعدم إعادة المال أو الانتقال إلى بنما، توترت آن وقالت إنها متعبة. نصحها الصحفي بالعودة إلى إنجلترا ومواجهة الأمر.

في إنجلترا، وصلت الصورة إلى الشرطة، فذهبوا إلى منزل جون واعتقلوه بتهمة النصب والاحتيال. صدم أولاده. عادت آن مع الصحفي في اليوم التالي إلى إنجلترا، واعتقلتها الشرطة من الطائرة أمام كاميرات الصحفيين.

المحاكمات وما بعدها: كان مارك وأنتوني مصدومين من سرعة الأحداث. في البداية، لم يصدقا أن والديهما قد يفعلان شيئًا كهذا. لكن بعد انتشار صورة والديهما في بنما، بدأ الغضب يحل محل الحيرة. انتشرت مقالات تتهم الأولاد بالمشاركة في الخطة وحتى بغسيل الأموال، مما زاد الأمر سوءًا. لنفي هذه التهم، أصدر مارك وأنتوني بيانًا صحفيًا أعلنا فيه تبرؤهما من خطط والديهما، وأنهما لم يكونا على علم بأي شيء، وأنهما لا يرغبان في التواصل معهما.

بدأت الشرطة التحقيقات مع جون وآن بشكل منفصل. التزم كلاهما في البداية بالقصة الاحتياطية المزعومة، بأن جون عاد بعد عام ونصف من اختفائه وكان فاقدًا للذاكرة، وأنهما أخفيا الأمر لتعديل وضعهما المادي ثم إعادة أموال التأمين. أصر جون على أن قيمته “وهو ميت أعلى من قيمته وهو حي”. أكد كلاهما أن الخطة لم تكن مسبقة الاحتيال على التأمين.

كانت قصتهما مليئة بالثغرات؛ فقد باعا عقاراتهما منذ سنوات ولم يعيدا الأموال، وانتقلا إلى بلد آخر واشتريا عقارات. استمر المحققون في الضغط، وظل جون صامدًا، بينما بدأت آن تنهار. بدأت تبكي وتقول إنها كانت مجبرة وأن جون ضغط عليها. عندما أظهر المحققون أدلة على هوية جون المزيفة التي استخدمها قبل استلام أموال التأمين، وكوسيلة ضغط إضافية، هددوا آن بأن التحقيقات قد تشير إلى تورط أبنائها في غسيل الأموال. في هذه اللحظة، انهارت آن واعترفت بكل شيء، من البداية إلى النهاية، وأقرت بأنها كانت تعلم وكانت شريكة، وإن كانت تحت الضغط.

بعد إخبار جون باعتراف آن، حاول في البداية القول إن آن ليست بكامل قواها العقلية، لكنه في النهاية اعترف هو أيضًا، مؤكدًا أن كل شيء كان من تخطيطه وأنه أجبر آن على المشاركة.

بعد انتهاء التحقيقات، ظل جون وآن في السجن في انتظار محاكمتهما. اعترف جون بالذنب، وحُكم عليه بست سنوات وثلاثة أشهر في السجن. أما آن، فقد اختارت الدفاع عن نفسها مدعية أنها غير مذنبة وأنها كانت مجبرة. حاول محاميها إثبات أنها كانت متلاعبًا بها عاطفيًا. لكن الادعاء عارض ذلك، مشيرًا إلى عدم تعرضها لعنف جسدي، وأنها كانت لديها فرص عديدة للاعتراف، وأن تلاعبها وكذبها على أولادها يوضح أنها كانت شريكة أساسية. استُدعي الأولاد كشهود، وعبروا عن شعورهم بالخيانة والألم من تصرفات والدتهم.

في النهاية، حكم القاضي وهيئة المحلفين بأن آن مذنبة. ولأنها لم تعترف بالذنب وكانت الأداة الأساسية التي سمحت للكذبة بالاستمرار، حكم عليها بست سنوات وستة أشهر في السجن، وهي مدة أطول من جون.

الخاتمة: خلال فترة سجنهما، استمر جون في التلاعب بآن عاطفيًا، مدعيًا أنه لا يزال يحبها ويريد بدء حياة جديدة معها بعد الخروج من السجن. لكن آن، مع مرور الوقت، بدأت تدرك مشاعرها وتحرر نفسها منه، وأخبرته في مكالمة أنها لا تريده وتريد الطلاق.

سامح الأولاد والدتهم بعد فترة طويلة، وزاروها في السجن. بينما زار الابن الأكبر مارك والده، واعتذر جون، لكن لم يظهر ندمًا حقيقيًا، مما أضر بعلاقته بأولاده.

أُفرج عن جون وآن مبكرًا بعد قضائهما نصف محكوميتهما (حوالي ثلاث سنوات). تحسنت علاقة آن بأولادها وعائلتها. أما جون، فكان وضعه مختلفًا؛ سامحه مارك ويتواصل معه أحيانًا، لكن أنتوني قطع علاقته به تمامًا. تعيش آن حاليًا في إنجلترا، وتظهر أحيانًا في لقاءات تلفزيونية للتعبير عن ندمها. أما جون، فقد تزوج مرة أخرى في عام 2015 وانتقل إلى الفلبين ليعيش مع زوجته الفلبينية الجديدة، حيث يساعدها في إدارة محل صغير يملكانه.

رابط الحلقة : هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top