هربوا بعبقرية لا مثيل لها.. أضخم سرقة بنك في الأرجنتين

  • الفكرة الملهمة والقائد: بدأت القصة مع فرناندو أراوجو، قائد العملية والمدبر الرئيسي لها. كان فرناندو، المعروف بحبه للفن، يرى في سرقة البنوك عملاً فنياً عظيماً، ولم يكن دافعه المال بل الرغبة في إبداع “عمل فني”. فكر في سرقة بنك “بانكو ريو” الواقع في منطقة غنية ببوينس آيرس.
  • اكتشاف النفق الجاهز: في البداية، فكر فرناندو في طريقتين للسرقة: اقتحام البنك وهو مفتوح (محفوف بالمخاطر وقليل الغنيمة) أو اقتحامه وهو مغلق بحفر نفق (خطر اكتشاف حساسات الحرارة والإنذار). أثناء استكشافه، اكتشف مفاجأة عظيمة: شبكة مجاري موجودة بالفعل تمر مباشرة أمام البنك. كانت هناك فتحات مجاري كل 10 أمتار على طول الشارع، وتقود إلى نفق دائري ضخم بقطر حوالي ستة أمتار يمر تحت البنك، وينتهي عند مصب للمجاري يبعد 150 متراً. هذا الاكتشاف وفّر عليهم عناء الحفر من نقطة بعيدة.
  • تجميع العصابة:
    • سباستيان (المهندس): كان أول من ضمّه فرناندو. سباستيان خبير في الإلكترونيات والميكانيكا. ورغم عدم وجود تاريخ إجرامي له، إلا أنه انضم للعملية بسبب تاريخ عائلته المأساوي مع انهيار النظام البنكي في الأرجنتين، حيث رأى في السرقة استرداداً لحق.
    • بيتو ديلا توري (الممول): رجل عصابات ذو سوابق وخبرة في عالم الأسلحة. لم يكن لديه خبرة مباشرة بالسرقات، لكنه مول العملية ببيع شاحنته.
    • لويس “السيلانسيوسو” (العنيف): رجل عصابات آخر ذو سوابق وخبرة في السيارات. كان دمه حاراً ومستعداً للعنف، ولكنه كان ذكياً وماهراً في التمثيل والاحتيال، ولعب دوراً مهماً في تضليل الشرطة.
    • المساعدون الخارجيون: شخصان لم تُكشف هويتهما: “الدكتور” الذي كان منسقاً، و**”الولد”** الذي كان مسؤولاً عن قيادة سيارة الهروب.

التخطيط الدقيق والابتكار

  • الحصول على مخططات البنك: لويس (العنيف) تمكن بطريقة غير معروفة من الحصول على مخططات مبنى البنك، مما سمح لهم بحساب مكان الحفر بدقة متناهية داخل نفق المجاري لتصل إلى خزينة البنك.
  • حفر النفق: بدأوا حفر نفق جانبي من نفق المجاري باتجاه الخزينة، واستغرق ذلك عدة أشهر. كان أحدهم يراقب في الشارع للتأكد من عدم وصول صوت الحفر للخارج.
  • الفكرة المجنونة (التحول الاستراتيجي): في البداية، كانوا يخططون لاستخدام النفق للدخول والسرقة بينما البنك مغلق لتجنب الكشف بواسطة حساسات الحرارة. لكن فرناندو ابتكر فكرة غير مسبوقة: استخدام النفق للخروج بدلاً من الدخول. بهذه الطريقة، لن تكون لحساسات الإنذار أي أهمية، وستكون الشرطة محاصرة للمكان من الخارج دون أدنى فكرة عن طريق الهروب تحت الأرض.
  • السد والقوارب: بنوا سداً صغيراً داخل نفق المجاري لرفع منسوب المياه، مما يسمح لهم باستخدام قوارب مطاطية صغيرة لنقل الغنائم والخروج من النفق بسهولة.
  • سيارة الهروب: حددوا فتحة مجاري معينة تبعد حوالي 200 متر عن البنك للخروج منها. قام بيتو (الممول) بتجهيز سيارة فان صغيرة بفتحة في أرضيتها بحيث تكون فوق فتحة المجاري مباشرة، ليخرجوا منها مباشرة إلى داخل السيارة دون أن يراهم أحد.
  • “المدفع”: صنع سباستيان (المهندس) أداة هيدروليكية أطلقوا عليها اسم “المدفع”، ووظيفتها تحطيم أقفال صناديق الأمانات في سبع ثوانٍ لكل صندوق، مما يسرّع عملية نهب المئات من الصناديق.
  • يوم العملية (13 يناير 2006):
    • دخل فرناندو، بيتو، ولويس البنك مسلحين واحتجزوا الرهائن، بينما كان سباستيان ينتظر في النفق المحفور خارج جدار الخزينة.
    • وصلت الشرطة بسرعة وحاصرت المكان.
    • “خطة الكوكو”: قام فرناندو بتمثيلية، حيث خرج بأحد الرهائن وكأنه يريد الهروب، ثم عاد للبنك بسرعة عند رؤية الشرطة، لإيهامهم بأنهم محاصرون وليس لديهم مخرج آخر.
    • التعامل مع الحارس: أجبر لويس الحارس على فتح باب غرفة المراقبة بعد تهديده بقتل موظفة، ثم أطلق سراحه ليخرج إلى الشرطة، مما أكد للشرطة أن اللصوص محاصرون.
    • تمثيلية لويس (العنيف): أظهر لويس موهبة استثنائية في التمثيل والخداع، فاستخدم الهاتف الخاص بالحارس للتواصل مع قائد العمليات. كان يماطل الشرطة بأسلوب غريب ومرح، صنع لنفسه شخصية “صاحب البدلة الرمادية”. قام باختلاق قصص ومطالب، مثل طلب بيتزا من مطعم بعيد لتأخيرهم، وحتى أنه تظاهر بأنه محامي العصابة لتضليل الشرطة وكسب الوقت الضروري لاستكمال السرقة.
  • السرقة والهروب:
    • بعد حصول سباستيان على الإشارة من فرناندو، حفر جدار الخزينة ودخل.
    • أمضى فرناندو وسباستيان ساعتين داخل الخزينة، مستخدمين “المدفع” لفتح الصناديق. تمكنوا من الحصول على غنيمة ضخمة، رغم أن جهاز “المدفع” ارتفعت حرارته ولم يعمل بالكفاءة المتوقعة.
    • لحظة الهروب: عندما حان وقت الهروب، طلب لويس البيتزا لتأخير الشرطة. قطعوا الاتصالات وأمروا الرهائن بالبقاء أرضاً.
    • قاموا بجمع الغنائم في أكياس، ورموا الأكياس إلى النفق. الأهم من ذلك، وضعوا أسلحتهم على فرشة صغيرة بشكل واضح قبل خروجهم من البنك. ثم قاموا بتغطية الفتحة في جدار الخزينة بخزانة أدراج ووضعوا شيئاً يشبه القنبلة مزيفاً.
    • نزلوا بسرعة إلى القوارب المطاطية في نفق المجاري، وتجاوزوا السد، ووصلوا إلى فتحة الهروب. صعدوا السلم إلى سيارة الفان المنتظرة فوق الفتحة، وغادروا دون أن يراهم أحد.

القبض على العصابة والأحكام المفاجئة

  • بعد أن اقتحمت الشرطة البنك، لم يجدوا سوى الرهائن، ولم يتمكنوا في البداية من فهم كيف هرب اللصوص.
  • اكتشفت الشرطة لاحقاً الفتحة المخفية خلف خزانة الأدراج والقنبلة المزيفة.
  • قُدرت الغنيمة بحوالي 19 مليون دولار أمريكي نقداً وذهباً ومجوهرات، مما جعلها أكبر عملية سرقة بنك في تاريخ الأرجنتين.
  • بعد تقسيم الغنيمة، افترق أفراد العصابة.
  • الوشاية المصيرية: قام أوليسيا، زوجة بيتو (الممول)، بالوشاية عليه للشرطة بعد أن اكتشفت أنه أخذ جزءاً من الأموال من المنزل، ربما بدافع الغيرة أو الاعتقاد بأنه يخونها.
  • تم اعتقال بيتو، ورفض الكشف عن هوية زملائه، لكن الشرطة تمكنت من التعرف على هويات الأربعة الآخرين والقبض عليهم جميعاً.
  • الأحكام المخففة: حكم عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين تسع وخمسة عشر عاماً. ولكن الغريب أنهم لم يكملوا مدة عقوبتهم، بل خرجوا بعد فترات قصيرة جداً (فرناندو وسباستيان حوالي 6 سنوات، بيتو حوالي 8 سنوات).
  • السبب الرئيسي للأحكام المخففة: كان السبب هو أن الأسلحة التي استخدموها كانت مزيفة وليست حقيقية. هذا غيّر تصنيف الجريمة من سرقة مسلحة إلى سرقة غير مسلحة، مما أدى إلى أحكام أخف بكثير وإفراج مبكر.
  • لم تتم استعادة معظم الغنائم.
  • ظهرت تكهنات حول وجود صفقات سرية أو رشاوى للسلطات مقابل الإفراج المبكر، خاصة وأن معظم الأموال لم تُسترد.
  • تم تعويض عملاء البنك من قبل البنك وشركات التأمين.
  • تم تحويل القصة إلى فيلم درامي ووثائقي، حيث ظهر اللصوص الأربعة وهم يتفاخرون بعمليتهم.

تنويه مهم: هذه القصة تُعرض لأغراض التوثيق والتحليل فقط، ولا تهدف بأي حال إلى تمجيد الجريمة أو التشجيع على “سرقة بنك” أو غيرها من الأفعال غير القانونية. ما فعله فرناندو أراوجو وعصابته يظل جريمة يعاقب عليها القانون، مهما بلغت من دهاء أو تخطيط.

📺 للمزيد من التفاصيل حول هذه القصة، يمكنك مشاهدة الفيديو على قناة قرية العجائب | بدر العلوي عبر الرابط:
https://youtu.be/BlZeNZlo7l0?si=BpI_U-vntYaeJP7E

🗂️ اقرأ أيضًا من قصص قرية العجائب:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top