مطاردة قاتل القطط تتحول لواحدة من أغرب القضايا على الإطلاق

مطاردة قاتل القطط تتحول لواحدة من أغرب القضايا على الإطلاق

بدأت القصة في نوفمبر 2010 بانتشار فيديو صادم على الإنترنت لقاتل القطط، وهو يقتل قططاً بوحشية، حيث يقوم بوضع قطتين صغيرتين في أكياس بلاستيكية وسحب الهواء منها باستخدام شفاط حتى تختنقان وتموتان. أثار هذا الفيديو موجة غضب عارمة بين المشاهدين، مما دفع مجموعة من الأشخاص لتشكيل فريق محققين خاص على فيسبوك بهدف وحيد هو الإمساك بهذا القاتل. كان فيسبوك في ذلك الوقت هو أكبر موقع للتواصل الاجتماعي، مما سهل تجمع هؤلاء الأشخاص.

من أبرز أعضاء هذا الفريق كانت امرأة تدعى ديانا تومبسون (اسمها المستعار “بادي موفن”) ورجل يدعى جون جرين (اسمه المستعار). لم يكن قاتل القطط يكتفي بنشر هذا الفيديو، بل تابع استفزازاته بنشر فيديوهات مشابهة وصور لوجهه بشكل مشوش، مما يدل على استمتاعه بلعبة المطاردة وتحديه للناس. كان يترك تعليقات مستفزة على فيديوهاته، مؤكداً أنه يتحدى الناس للإمساك به، خاصة مع إعجابه بفيلم “أمسكني إن استطعت” (Catch Me If You Can).

التحقيق الأولي والقرائن:

  • بدأ الفريق بتحليل دقيق لكل ما ظهر في الفيديو، مثل البطانية التي عليها صورة ذئب، أثاث الغرفة، مقبس الكهرباء، حيث تختلف المقابس من دولة لأخرى، مما قد يدل على موقع القاتل.
  • لاحظوا صوت مسلسل تلفزيوني روسي في خلفية الفيديو، مما قادهم للاعتقاد بأن القاتل قد يكون روسياً أو مقيماً في روسيا.
  • اكتشفوا لاحقاً أن الصوت كان مجرد تسجيل، وأن القاتل كان يحاول خداعهم وإيهامهم بوجوده في روسيا، مما يؤكد طبيعته المتلاعبة.
  • الصدمة الأكبر كانت عندما اكتشفوا أن قاتل القطط نفسه انضم إلى مجموعة الفيسبوك الخاصة بهم تحت اسم مزيف “جون سميث”، وكان يتابع نقاشاتهم وتحقيقاتهم.
  • في فيديو لاحق، ظهرت علبة سجائر وعليها تحذير صحي خاص بسجائر أمريكا الشمالية (المكسيك، أمريكا، كندا).
  • عثروا أيضاً على مكنسة كهربائية صفراء مميزة من شركة “كيم مور” لا تُباع إلا في أمريكا الشمالية، مما أكد موقع القاتل في هذه القارة.
  • بعد إعلان منظمة لحقوق الحيوان عن جائزة قدرها 5000 دولار لمن يدلي بمعلومات عن قاتل القطط، انتشر الموضوع بشكل واسع، وزاد عدد أعضاء المجموعة، مما أدى إلى فوضى وتدفق معلومات كاذبة، وشَتَّت التحقيق المنظم.

التحذير من التصعيد:

  • حذر محلل نفسي من أن طبيعة قاتل القطط النرجسية، وحبه للاستعراض، وقتله للحيوانات بسادية، كلها مؤشرات تدل على أنه قد يتصاعد إلى قتل البشر، وربما يصبح قاتلاً متسلسلاً، على غرار تيد بندي وجيفري دامر.

ظهور لوكا ماجنوتا:

  • بعد فترة، وصلت رسالة خاصة لبعض الأعضاء، ومنهم ديانا وجون جرين، من حساب مزيف اسمه “بيفرلي كينت”، يكشف فيها عن اسم قاتل القطط: لوكا ماجنوتا.
  • عند البحث عن لوكا ماجنوتا، صُدموا بوجود مئات المقالات والصور والفيديوهات التي تظهره كعارض أزياء مشهور، سافر حول العالم، ولديه العديد من صفحات المعجبين على فيسبوك، لكن لم يسمع به أحد من المجموعة من قبل.
  • كان هناك تشابه واضح في ملامح الوجه بين لوكا وقاتل القطط.
  • قرر الأعضاء الموثوق بهم إنشاء مجموعة سرية جديدة تسمى “لوكا إنتل” (استخبارات لوكا) للتركيز على البحث عنه.
  • عثروا على فيديو لمقابلة أداء للوكا تظهر لهجة أمريكية أو كندية، وفي الخلفية لافتة لبرنامج تلفزيوني كندي يدعى “Cover Guy”، مما أكد أن لوكا كندي ومقيم في كندا.
  • اكتشف جون جرين أن معظم صور لوكا كانت مزيفة أو مُعدَّلة بالفوتوشوب، وأن التعليقات التي تمتدحه على صفحات المعجبين كانت متشابهة في أسلوبها، مما يشير إلى أن لوكا نفسه هو من قام بصنع كل هذا المحتوى والتعليقات ليجعل نفسه مشهوراً.
  • تتبعوا مقالاً من عام 2007 في صحيفة “تورنتو صن” الكندية، يتحدث عن لوكا ماجنوتا وكيف تدمرت سمعته بسبب شائعات بأنه يواعد كارلا هومولكا، وهي قاتلة متسلسلة مكروهة في كندا. تبين أن لوكا نفسه هو من صنع هذه الشائعات ليجذب الانتباه ويشتهر.
  • بعد أن أبلغ جون جرين شرطة تورنتو، تمكنوا من العثور على عنوان لوكا، ولكن قيل لهم إنه انتقل إلى روسيا، مما أحبط الفريق وجعل التحقيق يتوقف لأشهر.

تصعيد الجرائم إلى البشر:

  • بعد أشهر من الصمت، ظهر فيديو جديد بعنوان “وقت الاستحمام لول” يظهر فيه قاتل القطط وهو يغرق قطة في الماء باستخدام عصا مكنسة.
  • ثم فيديو آخر يظهر فيه ثعبان ضخم يأكل قطة.
  • لاحظ أعضاء المجموعة أن النظارات الشمسية التي ارتداها قاتل القطط في فيديو “وقت الاستحمام” كانت مطابقة لنظارات يرتديها لوكا في صور سابقة، مما أكد هويته.
  • لوحظ أن اسم حساب يوتيوب الذي نشر الفيديو كان “ليزلي آن داوني”، وهي طفلة قُتلت على يد سفاحين بريطانيين شهيرين (إيان بريدي ومايرا هيندلي)، كما تم استخدام أغنية “ليتل درامر بوي” في الخلفية، وهي الأغنية التي كانت تُشغل في تسجيل صوتي للطفلة ليزلي قبل وفاتها. هذا الربط أكد أن لوكا كان معجباً بالقتلة المتسلسلين ويحاول السير على خطاهم.
  • تلقى صحفي بريطاني يدعى أليكس ويست رسالة من مجهول (يُعتقد أنه لوكا نفسه) تخبره بأن لوكا في لندن، فحاول أليكس مواجهته في فندق.
  • بعد المواجهة، تلقى أليكس ويست رسالة بريد إلكتروني مقلقة جداً من لوكا (باسم “جون بيلبرايد” – اسم ضحية أخرى للزوجين السفاحين)، يعد فيها بأن ضحاياه القادمون لن يكونوا حيوانات، بل بشراً، وذكر عبارة “القتل ليس كالتدخين، يمكنك الإقلاع عن التدخين، لكن القتل عندما تتذوق طعمه يستحيل أن تتوقف”.
  • لم تستجب الشرطة الإنجليزية لتحذيرات المجموعة أو الصحفي، معتبرينها مجرد تكهنات من “محققين إنترنت”.

جريمة القتل البشري:

  • تحولت مخاوفهم إلى واقع صادم عندما انتشر فيديو جديد بعنوان “مجنون واحد وكسارة ثلج” (1 Lunatic 1 Ice Pick)، يظهر فيه رجل يطعن رجلاً عارياً مربوطاً بسرير، ثم يقطع جسده بمنشار كهربائي ويفصل رأسه.
  • على الفور، أدرك أعضاء المجموعة أن القاتل هو لوكا. قام جون جرين بمشاهدة الفيديو أكثر من 20 مرة في اليوم الأول لاستخلاص المعلومات.
  • لاحظوا تشغيل أغنية “ترو فيث” في خلفية الفيديو، وهي أغنية استخدمها لوكا في فيديوهاته السابقة، واستخدمت أيضاً في بداية فيلم “أمريكان سايكو” (الذي يتحدث عن قاتل متسلسل)، مما يؤكد هوس لوكا بالأفلام والقتلة المتسلسلين.
  • تواصلوا مجدداً مع شرطة تورنتو، الذين لم يتعاونوا بشكل فوري بسبب عدم وجود جثة أو دليل مادي في كندا.
  • استمر أعضاء المجموعة في البحث، ولاحظت ديانا صورة جديدة للوكا فيها أشجار غير مخضرة وإشارة مرور سوداء مربعة الشكل، مما قادهم إلى تحديد موقعه في مونتريال، كندا.
  • استخدم جون جرين جوجل ستريت فيو لتمشيط شوارع مونتريال رقمياً، وتمكن من تحديد الموقع الدقيق للصورة.

اكتشاف الجثة واعتقال لوكا:

  • في مونتريال، عثر عامل نظافة على جذع إنسان في حقيبة سفر بجانب حاوية قمامة كبيرة.
  • عثرت الشرطة على أجزاء أخرى من الجثة (أذرع وساقين) داخل أكياس القمامة، بالإضافة إلى ملصق فيلم كازابلانكا (نفس الملصق الذي ظهر في فيديو الجريمة)، ومفك براغي مصبوغ بالفضة (لجعله يبدو كـ “كسارة ثلج”)، والمنشار الكهربائي، والأهم من ذلك، رخصة قيادة وفواتير باسم لوكا ماجنوتا، وشقته في نفس المبنى (رقم 208). كان هذا دليلاً صادماً على نرجسية لوكا المفرطة وإهماله لإخفاء هويته.
  • كشفت كاميرات المراقبة في المبنى عن لوكا وهو يخرج ويدخل أكثر من 20 مرة في منتصف الليل، حاملاً أكياس قمامة، مما يؤكد أنه كان يتخلص من الجثة.
  • في اليوم التالي، انتشر خبر صادم آخر: يدي وقدمي الضحية تم إرسالهما بالبريد إلى مقرات الحزب الليبرالي والحزب المحافظ في كندا. تم تتبع الطرود إلى مكتب البريد، حيث كشفت الكاميرات عن لوكا وهو يرسلها، وقد وقع باسم “روكو” (اسمه الأوسط).
  • حددت الشرطة هوية الضحية كطالب صيني يدعى جون لين، كان في الثلاثينات من عمره، وقد استدرجه لوكا إلى شقته.
  • هرب لوكا إلى باريس، فرنسا. تتبعت الشرطة الفرنسية خطواته من كاميرات المطار إلى فندق “نوفوتيل”.
  • استخدم لوكا بطاقته المصرفية لسحب المال، وظهر في كاميرات الصراف الآلي مرتدياً شعراً مستعاراً.
  • بعد مطاردة استمرت عبر باريس، وخلالها استضافه رجل تعرف عليه عبر موقع تعارف (وكاد أن يكون ضحيته التالية)، تمكن لوكا من الحصول على رقم هاتف فرنسي جديد، واستأجر غرفة في فندق “سومين” الصغير، ودفع نقداً.
  • أخيراً، تم القبض على لوكا ماجنوتا في مقهى إنترنت في برلين، ألمانيا، بعد أن تعرف عليه صاحب المقهى، قدير أناليسلي، من صورته على قائمة المطلوبين على موقع الإنتربول الذي كان لوكا يتصفحه.
  • تم تسليم لوكا إلى كندا بطائرة عسكرية (حيث رفضت شركات الطيران المدنية نقله)، وحظي باستقبال ضخم من الشرطة والإعلام، مما حقق له الشهرة التي كان يطمح إليها.

دفاع “ماني” والمحاكمة:

  • في التحقيق، رفض لوكا الكلام في البداية، ثم ادعى أنه كان تحت تأثير شخص يدعى “ماني”، زاعماً أن ماني هو العقل المدبر لكل جرائمه، وأنه أجبره على تنفيذها وتصويرها، بل كان موجوداً خارج الشقة يوجهه عبر الهاتف.
  • والدة لوكا، آنا يوركين، صدقت هذه القصة تماماً، وزعمت أن ابنها تعرض للتنمر في صغره، واتجه إلى عالم الدعارة، وهناك التقى بـ “ماني لوبيز”، الذي بدأ في مطاردته وتعذيبه وإجباره على ارتكاب أفعال بشعة، بما في ذلك فيديوهات القطط.
  • شهد المحامي روميو سالتا بأن لوكا اتصل به في عام 2011، وزعم أن “ماني” كان يطارده ويعذبه، بل وتم اختطافه وتخديره وأُلقي به على الشاطئ في ميامي، وهناك تقارير شرطة ومستشفى تدعم جزءاً من هذه القصة.
  • في جلسة المحاكمة الأولى في عام 2012، دفع لوكا ببراءة “غير مذنب” بناءً على دفاع “ماني لوبيز”، مدعياً أنه كان تحت ضغط نفسي وتهديد.
  • لكن أعضاء مجموعة الفيسبوك، الذين درسوا لوكا عن كثب، كشفوا حقيقة “ماني”:
    • اكتشفوا أن اسم “كيرك تراميل” (الذي استخدمه لوكا كاسم مستعار أثناء هروبه) مأخوذ من فيلم شهير (فيلم “غريزة أساسية” Basic Instinct).
    • مشهد قتل الضحية في الفيديو كان مطابقاً تماماً لمشهد في هذا الفيلم، حيث تطعن الشخصية الرئيسية عشيقها المربوط بسرير باستخدام كسارة ثلج.
    • العبارة التي أرسلها لوكا للصحفي أليكس ويست (“القتل ليس كالتدخين…”) كانت مقتبسة حرفياً من حوار في نفس الفيلم.
    • حتى طلب لوكا للسيجارة في غرفة التحقيق كان تقليداً لشخصية القاتلة في الفيلم التي طلبت سيجارة أثناء استجوابها.
    • والأهم من ذلك، كان اسم حبيب الشخصية القاتلة السابق في الفيلم هو “ماني”.
  • تبين أن “ماني” لم يكن سوى شخصية وهمية اختلقها لوكا من الفيلم، وقام بتمثيل قصة طويلة ومعقدة حول وجوده لخدمة دفاعه بعد القبض عليه. هذا يكشف عن نرجسية لوكا وذكائه المريض الذي اعتقد أنه سيخدع الجميع.
  • استمرت محاكمة لوكا سنتين ونصف، وصدر الحكم النهائي في ديسمبر 2014 بالسجن المؤبد مدى الحياة.

نقاط ختامية:

  • رغم أن أعضاء مجموعة الفيسبوك لم يكن لهم دور مباشر في القبض على لوكا، إلا أنهم لعبوا دوراً كبيراً في كشف شخصيته، نرجسيته، وطبيعته الكاذبة، وقد أفاد بحثهم التحقيق والمحاكمة.
  • يُعتقد أن لوكا نفسه ربما أرسل المعلومات الأولية عن اسمه للجموعة وللصحفي أليكس ويست، مدفوعاً برغبته في الشهرة.
  • حتى بعد سجنه، ما زال لوكا يلاحق الشهرة وينشر فيديوهات وصور على الإنترنت (من خلال حسابات يُعتقد أنها تخصه)، يمتدح فيها نفسه ويدعي علاقات وهمية مع مشاهير، مؤكداً أنه لا يزال مهووساً بالشهرة.

للمزيد من القصص أنصحك بزيارة قسم ملخصات قرية العجائب هنا

المصدر

قناة قرية العجائب، القصة الكاملة هنا

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back To Top